و
هم جمهور الفقهاء القائلون بأن الذكورة شرط في جواز تولي القضاء و في صحته هذه التولية، وقد استدلوا بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول.
فنجد باستدلالهم بالقرآن الكريم على آيات كثيرة، منها قوله تعالى: {و استشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى}.
و الدلالة من هذه الآية أن «الله تعالى جعل الشهادة للرجال فان لم يأت الطالب برجلين فليأت برجل و امرأتين يقومان مقامهما، و لا بد من هذا الرجل معهما، و هذا في الأموال لكثرة جهات تحصيلها وعموم البلوى بها وتكررها، فجعل فيه التوثيق بالكتابة تارة وبالإشارة تارة أخرى ، وأدخل في جميع ذلك شهادة النساء مع الرجل، وبالرهن تارة وبالضمان تارة أخرى، و لا تنفرد المرأة بالشهادة مطلقا إلا فيما لا يطلع عليه غيرهن للضرورة».
و معنى ذلك أن شهادة النساء منفردة دون الرجال لا تصح، و عليه كيف تتولى المرأة القضاء، هذا المنصب الخطير الذي قد تظل معه المرأة و تنسى فيؤذي ذلك إلى ضياع حقوق الناس التي شرع القضاء لحفظها.
كما استدل القائلين بالمنع من السنة النبوية بما في ذلك ما رواه البخاري بسنده عن أبي بكر رضي الله عنه قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله (ص) أيام الجمل بعدما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم. قال: "لما بلغ رسول الله (ص) أن أهل فارس ملكوا بنت كسرى ، قال : « لن يفلح قوم و لو أمرهم لامرأة ».
و اعتبروا في هذا الحديث الشريف إخبار من رسول الله (ص) الذي لا ينطق عن الهوى عن عدم فلاح من ولى امرأة. ولا شك أن عدم الفلاح ضرر والضرر يجب اجتنابه لقول الرسول (ص): "لا ضرر ولا ضرار". و(الضرر يزال).
و بناء على ذلك يجب اجتناب تولية المرأة القضاء لكون الحديث أيضا خبر تضمن معنى النهي.
و ما رواه ابن ماجة و أبو داوود و الحاكم عن بريرة رضي الله عنه أن النبي (ص) قال: «القضاة ثلاثة، واحد في الجنة و اثنان في النار. فأما الذي في الجنة، فرجل عرف الحق فقضى به ورجل عرف الحق وجار فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار». فاعتبروه حديث دال على اشتراط الذكورة لأن الرسول (ص) ذكر لفظ الرجل في الحديث ثلاث مرات.
إضافة إلى استدلال القائلين بالمنع بالكتاب والسنة، فقد استدلوا أيضا بالإجماع والمعقول. ذلك أن الإجماع عندهم مانع لتولي المرأة القضاء، «وقد نقل هذا الإجماع الإمام الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية حين قال (ولا اعتبار بقول يرده الإجماع.
أما بالنسبة للمعقول فقد استندوا وفقه على أنه لابد للقاضي من مجالسة الرجال من الفقهاء والشهود والخصوم، والمرأة ممنوعة من مجالسة الرجال، وربما كانت المرأة ذات جمال باهر، فتحدث فتنة، وربما كان كلامها فتنة فتحدث الممنوع شرعا، وما أدى إلى الممنوع ممنوع.