مع كل احترامي وتقديري لك اخي الفاضل أقول:
لو أن العلاقة بين الأجيال هي علاقة صراع لما تحمل الآباء كل أعباء الحياة من أجل اناس سوف يكبرون بعد قليل و يفتحون عليهم جبهات حرب بكل الاتجاهات , أنا شخصيا لما تزوجت ولا خلفت ولاعين تشوف ولاقلب يحزن .
والموضوع ليس خلاف ولا اختلاف بين الأجيال , الموضوع هو حجم الوعي الموجود بين الطرفين .
هذا الكلام يذكرني بموقف النبي صلى الله عليه وسلم من الفتى الذي جاء بطلب غريب هو السماح له بالزنا (في القصة المعروفة) فكان حجم وعي الشاب في هذا الموقف بسيطا فوعاه النبي من فيض وعيه العظيم بكلمات تنم عن فهم عميق من النبي بحال هذا الشاب , فعندما كبر وعيه خرج من عند النبي والزنا ابغض شئ عليه .
هناك قائل يقول : هذا رسول الله وعلُمه حكيم عليم لا نستطيع مقارنته مع باقي البشر .
اقول : الوعي لايتعلق بعمر او جنس أو دين إنما هو محصلة علم وحسن أخلاق وتطبيق تعاليم الدين والعرف والعادات وجمع كل ذلك في بوتقة واحدة والتعامل مع الغير من خلالها , ويخطرني في هذا المقام موقف الحسن والحسين رضي الله عنهما وعن والديهما من الرجل الذي كان لا يحسن الوضوء فتشاجرا ليلفتا انتباهه , ثم جعلاه حكما عليهما وتوضأ كل منهما أمامه فعلم أنه مخطئ , فقال : إن وضوئي هو الخطأ وأنتما الصحيح .
فإن أمعنا هنا النظر في هذيين الموقفين لوجدنا أنهما قمة في الوعي , فموقف سبطي رسول الله فيه من الادب والعلم في حال الرجل الكثير , وموقف الرجل فيه من عدم التكبر والانصياع للحق وأخذ العلم حتى من الاطفال بكل نفس راضية , هذا هو الوعي وهذا هو التفاعل بين الأجيال , الذي من خلاله تكتب سطور الحضارة الانسانية ,فعندما يحمل الشباب العلم ويأخذه الشيوخ منهم بكل نفوس راضية , وعندما يستشير الشباب الشيوخ ويأخذوا من خبرتهم بالحياة بكل احترام وتقدير , هذا ما اسميه تفاعل تتقدم به الأجيال سوية , أما الصراع والخلاف والاختلاف فلا ثمرة له .
هذا رأيي أرجو تقبله , لكم كل احترامي .......