كنت مدركة في قرارة نفسي ان لعنة ذلك اليوم الحار, لن تنتهي بتلك البساطة علي ان اتوسل الرحمة من كل ما يحيط بي, و يخنق انفاسي المتعبة و المثقلة برطوبة الهواء في منزلنا.ا
انني اشتاق الى العطلة الصيفية و احن لها من كل قلبي, بل و اطير فرحا مع اخر اسابيع الدراسة ,مع ما تحمله من ارهاق شديد لي و لزوجي, و لكنها اول بشائر الحرية و الانعتاق من مسؤوليات التدريس.
و اول ما خطر ببالي ذاك اليوم فور عودتي من المدرسة, هو انني ارتحت على الاقل من فحوصات الطلاب الدورية , اه كم اضحك عندما اسمع التلاميذ يتذمرون من الفحص, و يحسدون الاستاذ و لا يعرفون انه المعاقب معهم, و ربما معاقب بهم لا تعرف للامر حلا .
اول ما جلست مرتاحة في غرفتي و انا انتظر وصول ضا حتى رن الهاتف في غرفة الصالون لن اخدع نفسي تجاهلته اول الامر و قلت سيمل المتصل من عدم وجود رد و يعفيني من حديث لا رغبة لي به و عاد الرنين و كنت احسه يرن داخل عقلي و ذبذباته تلك تطوف على سطح فكري فتمنع الراحة من الوصول اليه
و اعلنت خيبة املي و استسلامي لصوته الذي عذبني و لعنت ذلك اليوم من اوله و حملت رجلاي على تعنيفهما و شتمهما المتواصل لي و نقمتهما على ذهابي للصالون و رفعت السماعة في شبه خدر
و قلت :الو .
و سمعت صوتا مألوفا بالنسبة الي يرد من الجهة الاخرى :اهلا ابنتي سهير, كيف حالك ؟
انه صوت امي فاستغربت و شغل بالبي التفكير في سر اتصالها و انا التي كنت انوي تجاهل الرنين رغم معرفتي انها لا تتصل الا للحاجة الضرورية .
نعم ماما خير ان شاء الله اراك قد اصررتي جدا على مكالمتي خيرا يا رب.
في الواقع يا ابنتي هل علمتي ان شقيقك محمد سيرقى في العمل _ طال الفضول ضفاف افكاري و ما همني يا ترى من ترقية اخي في وظيفته_ و هو يريد ان يطلب منك معروفا يبدو ان ابن مديره يدرس لدى زوجك و قد تحصل على علامة صفر في الاختبار و هنالك خوف من رسوبه بسبب تلك العلامة هل تكلمين زوجك من اجله يا سهير ليس لي في الدنيا الا انت و اخوك ماذا سافعل بدونكما في حياتي .
و بدا صوتها يتغلف بنوع من الانين هو ورقتها الرابحة في كل معركة امي لا تقبل الرفض و لا تقبل المساومة , عليها الحصول على ما تريد و في كل مناقشة ينتهي الامر باستسلامي انا و اخي محمد كي لا يصبح في الموضوع عقوق والدين و عصيان لشريعة الله على حد قولها.
حسنا ساكلمه من اجله و لكن تعرفين ان رضا لا يحب مثل تلك الامور يا امي و لا اعدك بشيء
شكرا يا ابنتي على ان اطمئن اخاك انه ينتظر خبرا مني في مكتبه الجديد.
اجل هو يرقى و انا اتكفل بتلميع صفر ابن مديره كيف ساخبر رضا بهذا الامر؟ يا الاهي .
صفق الباب بقوة و هرعت الى غرفة الجلوس احاول معرفة هوية القادم و جراته على هكذا فعل و لمحت وجه رضا و هو ثائر على غير عادته بل خارج عن نطاق السيطرة لم اره في يوم بهذه الحدة في تعامله .
خير ما بك يا رضا ,اللهم اجعله خيرا علينا .
و اين الخير منذ مغادرتي لباب المدرسة و انا العن هذا اليوم .
اهدا يا رجل و اخبرني القصة ... ما الذي حدث.
ساخبرك قالها بعد ان بدا باستجماع انفاسه و هدوئه , لدي طالب رسب في المادة بنقطة صفر لم يضع و لا شيء نافع و صحيح في الورقة كيف سامحه علامة غير الصفر , و قد ارسل الي ابوه الان من يتوسط لابنه حتى اعيد امتحانه و الاجمل انه قال لو تكرمت فاعفه من الامتحان و خلصه من الصفر المرسب و فقط, هل تصدقين هذا؟
شلت حركة لساني الذي كان لا يعرف الراحة و لا الصمت و لم اجد ما اقوله الا حسبنا باالله نعم الوكيل .
لن يجبرك احد على تغيير الصفر فلا تزعج نفسك بهذه الامور
عاد الهاتف ليرن بالتاكيد هي امي تعرف وقت عودة رضا تريد ان تتاكد من قيامي باتمام المهمة و لكن كيف ساخبره و هو بهذه الحالة هل تريد ان اجهز على الرجل.
تجاهلت رنينه المنبعث من غرفة الصالون و سمعت صوت رضا من حجرة النوم ارجوك سهير ردي عليه ازعجني صوته
حسنا اوامرك سيدي على اساس انه لم يزعجني بل انني اتمنى لو استطيع الآن فصله و الراحة منه.
الو قلتها ببردة اعصاب و انا انتظر صوت من سيرد علي كي اشبعه تقريعا لازعاجه لي في هذه الوقت ,
يا الاهي انه ابن عمتي ليس اليوم ابدا مناسبا لمثل هذه الاتصالات.
مرحبا ,كيف حالك يا عادل ؟
انا بخير و انت كيف حالك يا سهير اشتقنا اليك و لم نعد نراك في بيت خالي كثيرا .
انها الظروف و تعرف مشاغل المدرسة , اخبرني كيف حالك؟ و كيف اخبار الاطفال ؟اتمنى ان يكونو باحسن حال .
الحمد لله نشكره على كل شيء ,و لكنني كنت اريدك في عمل يا قريبتي , لدي صديق يعمل معي و في الحقيقة ابنه ولد غبي ,و قد رسب في اختبار نهاية السنة الدراسية و نال صفرا عند زوجك ,و اريد منك ان تتوسطي له بالكلام لدى زوجك و كنت انوي المجيئ كي اكلمه بنفسي .
لماذا لم تاتي و تخبر رضا بنفسك هل تريد ان اطلب منه القدوم اليك مساء.
في الحقيقة لا داعي اعتقد انك افضل من يقوم بهذه المهمة الكل يعرف حب رضا لك,و بكل تاكيد لن يرفض هكذا طلب بسيط ... لا تنسي يا سهير و سلامي لرضا.
اغلقت سماعة الهاتف و انا العن ذلك الصفر الذي نغص علي يومي و حياتي كيف يعرف الناس بكل شجرتي العائلية في هذا الظرف الوجيز , الكل يعرف اقربائي و يتسللون الى حياتي الشخصية بهذه البساطة.
اكل هذا من اجل علامة صفر تحتاج الى اعادة صياغة , لو كنت اعرف والده لقلت له ان الصفر يعني رسوب ابنه و بان عقله الفارغ لا حاجة له به , عليه ان يشتري له واحدا جديدا بماله, او ان يعلمه بدل السعي وراء عائلتي......اكره نفسي و ذلك الصفر المشؤوم .
عدت الى غرفتي و انا احمل عبئ ذلك الرسوب على كاهلي كما لم احمل هما في كل حياتي, اتمنى لو يمرض الان رضا و اقوم انا بالاهتمام بكل طلاب فصله, لغيرت ذلك الصفر و لاعطيت صاحبه علامة كاملة ,بسب قدرته على ازعاجي و تنغيص حياتي ,ووصوله الى ادق تفاصيلها بهذه السرعة .
و لمحت وجه رضا بين طيات شرشف السرير و هو يغط في نوم عميق...... نم انت و ما همك لو كان الصفر يخص تلاميذي لقلت لا باس به.
و طرق باب المنزل و كنت قد ضقت ذرعا بكل متصل و اقسمت ان من يكلمني مجددا في ذلك الامر لاجعلنه يرى مني ما لم يره من قبل و فوجئت بزوجة اخي محمد تدخل عليا من الباب و هي تسالني ان كنت قد كلمت رضا في موضوع العلامة,
فصرخت في وجهها ملأ انفاسي ,لم اكلمه و لن اكلمه, لقد تشاجرنا و انا اريد الطلاق منه ,لم اعد احبه , مللت من الحياة معه ,هل عرفتي الان لماذا لم اكلمه ؟ بل حتى انني ساجمع اغراضي الان و اتي معك الى بيت اخي .
و فوجئت زوجة اخي بثورة الكلمات التي كانت تتطاير من بين شفاهي كما لو انها رصاص يعلن التمرد عن كل شيء لع هلاقة بذلك الصفر اللعين .
و الغريب في الامكر انه لم يعد بعد ذلك اليوم احد ليسالني عن ذلك الصفر و صاحبه.