҉҉ صراع الجليد ҉҉ وثائقي ҉

مند عدة قرون لم يكن هناك شيء يتحرك في أرجاء القطب الشمالي يفوق حجمه حجم الدب القطبي، والله أعلم.
حتى في عصر الذرة الفيزيائي لم يتم حل جميع أسرار القطب الشمالي، الآن لن تتحرك السفينة إلى ما هو أبعد، تستعين مجموعة من العلماء بالزلاجات التي تجرها "الكلاب القطبية" وهي وسيلة لا تزال ناجحة في المناطق القطبية.
على مدى تاريخ الاستكشاف القطبي اعتبرت الكلاب الوسيلة الأساسية للتنقل، هيأ لها الله -سبحانه وتعالى- ما يجعلها قادرة على البقاء في العراء في أشد أيام الشتاء برودةً، عرف الإنسان هذه الوسيلة منذ زمنٍ بعيد، وقد قامت الكلاب بدورٍ بالغ الأهمية.
كانت الكلاب حتى وقتٍ قريبٍ الوسيلة الوحيدة في التنقل في القطب، وقد تم غزو القطبين الجنوبي والشمالي بهذه الطريقة، تشير حماستها التي لا تفتر مدى ملائمتها لهذه المنطقة .
سبحان الله !!
منحها الله -سبحانه وتعالى- قدرةً هائلة على التحمل، تستطيع مجموعة مدربة قطع خمسة وعشرين ميلاً في اليوم الواحد، يتجهون الآن نحو منطقة غامضة من المياه المكشوفة والمعروفة باسم "بولينيا"، من الصعب التفكير بطريقة أفضل للعثور على طريقٍ عبر عوائق وتموجات الجليد، البخار المتصاعد يكشف بدقة عن موقع "بولينيا"، إنها لا تتجمد حتى لو انخفضت الحرارة إلى ما دون الأربعين درجةً مئوية تحت الصفر، ومازال سبب تلك الظاهرة سراً حتى يومنا هذا.
سبحان الله !!
الجليد المحيط بالمكان رقيقٌ وهش، قد يشكل الاقتراب من حافة "بولينيا" خطراً كبيراً.
تلعب الرياح والتيارات دوراً في صد الجليد الزاحف، ولكن لماذا هنا، وليس في مكانٍ آخر؟
قد تنقضي سنواتٌ عدة -والله أعلم- قبل أن يتمكن العلماء من فهم سبب بقاء هذه الواحات القطبية وَسَطَ صحراءٍ من الجليد.
أشكال الحياة البرية في القطب الشمالي خبرت منطقة "البولينيا" وتعرفها جيداً، تصل طيور "الجلموت" و "الأوك" في بداية الربيع حتى تجد غذائها، وتستعد للتكاثر قبل حلول فصل الصيف القطبي القصير الذي يستمر "سبعة أسابيع".
قلما ترتفع الحرارة عن درجة التجمد، ولكن صيف "عام 1873" كان شديد البرودة، ذاب الجليد قليلاً إلا أنه استمر يغطي مساحاتٍ واسعة من بحر "بارينز".
مضى على الحصار الجليدي "لتيكيت هوف" عشرة أشهر، وظلت تنجرف شمالاً حتى علقت تماماً.
باير:
بدأ الجليد في العشرين من يوليو يذوب ببطءٍ لا يحتمل؛ وقد أطبقت علينا سحبٌ سوداء وضباب؛ لم تغرب الشمس منذ منتصف أبريل؛ ولكن هذا لم يجد نفعاً؛ سفينتنا محاصرة بالجليد منذ قرابة سنة؛ وسينتهي الصيف قريبا؛ ونصبح في مواجهة شتاءٍ آخر؛ ونحن أقرب إلى القطب من أي بعثةٍ سبقتنا؛ لا أحد على متن السفينة يصدق أننا نستطيع أن ننجز مهمتنا؛ ولا يسعني إلا الدعاء - راجيًا أن نمتلك قوة التحمل.
المعلق الأول:
حدث ذلك فجأةً بعد خمسة أسابيع فقط.
باير:
الثلاثون من أغسطس (عام 1873)، تاريخٌ لن ينساه أحد منا، انقشع الضباب ليكشف عن جزرٍ صخرية على الخط الساحلي إلى الشمالي الغربي، وأخيراً رأينا اليابسة بعد طول انتظار.
المعلق الأول:
شكَّل الجليد المتقلب مشهداً طبيعياً أخَّاذاً.
سبحان الخالق!!
فمنذ أكثر من سنة لم ير بحارة "تيكيت هوف" شيئا سوى البحر والجليد، بدت هذه المرتفعات الجرداء مناظر خلابة، تأثر "باير" بالمشهد أيضاً؛ أخيراً نجح "قائد الاستكشاف البري" بفضل الله...إلخ