҉҉ إفريقيــــا ҉ جبال القمر ҉ وثائقي ҉

على ارتفاع يفوق خمسة آلاف متر وبين ثلوج خط الاستواء الإفريقي يمكن أحد مفاتيح لغز منابع نهر النيل، في عام 150 ميلادية اعتقد العالم اليوناني " باطلايموس " بأن هذا النهر ينبغ من جبال القمر في أطراف العالم، وتوجب انتظار مطلع القرن العشرين حتى تمكن مستكشفون بريطانيون من إثبات هذه الفرضية جزئياً، مع أنهم لم يغامروا بالوصور إلى أكبر مجلدة في إفريقيا، يمثل اكتشاف هذه الجبال نهاية ملحمية دامت ثلاثة عقود، تنافس خلالها ثلاثة ضباط بريطانيون " بيرتون، وسبيك، وبيكار " لاكتشاف منابع النيل، كان ستانلي قد حسم النزاع في هذا الموضوع عندما بين أن للنيل عدة منابع، أحدها فيما يسمى منطقة الثلج الأبدي في جبال القمر، ها هي حملة أوكافينجو بقيادة " اكنور تسار وديبوار " وهما دليلا تسلق الجبال، الحملة تتأهب لتسلق قمة مارجريتا، وهي أعلى قمم جبال القمر، ويسميها الإغريقيون رموزوري أي مكان الثلج.
طابت أوقاتكم وأهلاً بكم من جديد في رحلة عمليات أوكافينجو، أُذكركم بأن أوكافينجو ستحملنا معها إلى جميع القارات -إن شاء الله- حتى نحاول أن نرى كل ما هو جميل على سطح الأرض، سنجتاز معاً هذه الليلة أراضي أوغندا من الشمال إلى الجنوب، لقد هبطنا في وسط الأدغال بطائرتنا كتالينا تحت الأمطار المدارية قرب بحيرة ألبيرت، وهذه هي رحلتنا الأخيرة في شرق إفريقيا قبل أن ينتقل الرجال والمعدات إلى جنوب إفريقيا، وذلك لنتابع معهم رحلتنا هناك.
تقع أوغندا في شرق إفريقيا، لكنها أيضاً تنتمي لدول وسط إفريقيا، وهي دولة البحيرات الكبرى، والتي تنتشر في منطقة الأخدود الإفريقي، حيث تجري ببطء عملية انقسام إفريقيا إلى قارتين.
أوغندا دولة نسمع عنها كثيراً، لكن معرفتنا بها قليلة، وهي كما وصفها تشيرشيل جوهرة إفريقيا، هذا ما نأمله وما سنتأكد منه -إن شاء الله- من خلال رحلتنا هذا المساء، لكن أوغندا هي أيضاً بلد منابع نهر النيل، وهذا هو السبب الرئيسي لوجودنا هنا، وأيضاً لقدوم رحالة كثيرين خلال القرن التاسع عشر، النيل هو أطول أنهار العالم، رغم عدم اتفاق الجغرافيين على هذا الرأي، لكنه يبقى رنهراً غامضاً لا يمكن فصله عن الحضارة المصرية، وبقيت منابعه سراً جغرافياً محيراً لم يحل إلى مع نهاية القرن التاسع عشر، وهذا هو سبب قيام رجال كثيرين عاديين مغمورين ومشاهير على السواء بقيادة حملات ضخمة انطلاقاً من زنجبار في معظمها منفقين المال والطاقة والضحايا من البشر في سعيهم لحل لغز منابع النيل، والآن جاء دور فريق أوكافينجو ليسير على خطى أولئك المستكشفين منطلقاً من ملتقى نيلين، نيل فيكتوريا، ونيل ألبيرت، والذين يلتقيان على بعد بضعة كيلو مترات من هنا، هذه أحد أروع المناظر الطبيعية في إفريقيا، سننفصل هنا عن أوليفيا أرشيمبو إلى يساري، وهو جغرافي وسيعمل على شرح مدى تعقيد هذه الشبكة المائية أثناء صعوده مجرى نيل فيكتوريا، ولو كانت شبكة سهلة الفهم لما بذل الرجال الجهود لكشف أسرارها، إنها شبكة بالغة التعقيد، وهذا ما سيوضحه لكم أوليفييه، إنه سيستقل طائرة كتالينا أما نحن فنصعد ¬-إن شاء الله- مجرى نيل ألبيرت لنصل إلى جبال " رويزوري " الشهيرة ونصعد هذا الجبل لأن قمته تضم المجالب التي تزود النيل بأولى قطراته، كما سيضم فريقنا عالم النبات " باتريك بلآن " الذي يشارك مع بعض أعضاء الفريق في الإعداد لتسلق هذا الجبل الذي يعلوا أكثر من خمسة آلاف متر فوق سطح البحر، وتكشفون معنا النباتات الفريدة على هذا الجبل الاستوائي، والتي تتميز بأحجامها العملاقة، في طريقها نحو جبال " رويزوري " نشاهد معالم كثيرة، وسنلتقي أيضاً بالأوغنديين الذي يسكنون واحدة من غابات ماطرة قليلة باقية في أوغندا، كما سنكتشف إحدى المستوطنات القليلة القريبة من غوريلا الجبال
المهددة بالانقراض ذلك في غابات بروندي المتشابكة، ثم نتابع الطريق إلى روينزوري....إلخ