الدار الدار الآخره (4 )
=============================
فإذا كان الموت أمرا واقعيا لا فرار منه ولا رجوع بعده الى الدنيا فلماذا لا نعد له قبل ان نفاجأ به , ولماذا لا نبنى لأنفسنا قصورا فى الآخره بأعمالنا الصالحه فى الدنيا .
(مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) الروم44
وإننا إذا كنا نريد أن نبنى أوطاننا بناء سليما متينا فلايكون ذلك إلا ببناء رجال مؤمنينىبالله واليوم الآخر ومراعين له فى كل صغيره وكبيره , وواضعين نصب اعيونهم انهم ملاقوه يوم القيامه ليحاسبهم على ما قدموه فى دنياهم من عمل .
هكذا كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين الذين عمروا الحياة وملأوا ارجائها خيرا وعدلا وبركه .
أما الانغماس فى الحياة الماديه فلا يبنى وطنا ولا يشيد عمرانا, ويورثهم حب الدنيا والحرص عليهاكل اسباب المذله والهوان .
ان الحياة الماديه البحته إذا طغت على حياة المرء جعلتهاجحيما لا يطاق انها تقطع كل آمال فى الحياة الآخره وتحقركل آماله فى هذه الدنيا , مما يجعل المرء يجزع لأى بلاء ينزل عليه .
وإن ما نسمعه من أخبار المنتحرين الذين ينهون حياتهملأسباب ماديه, مرجعه الى انهم ظنوا ان الحياة هى منتهى الآمال والاحلام , ولذلك فإنهم إذا تعثرت الحياة هربوا منها ظآنين انهم سيواجهون الراحه بعد التعب ولكن سيخيب ظنهم .
ولو أنا متنا تركنا لكان الموت راحه كل شئ
ولكننا إذا متنا بعتنا و نسأل بعده عن كل شئ
ياليتهم ادركوا.. ياليتهم فهموادينهم.. ياليتهم عرفوا حقيقة الموت وتعرفوا على الحياة الآخره ودرسوا مراحلها.. ياليتهم علموا ان الانتحار جريمه كبرى لصاحبهاالنار. وان الصبر على البلاءفضيله عظيمه يحبها الله و يثبت عليها , ياليتهم وعوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
( عجبا لأمر مؤمن إن أمره كله خير , وليس ذلك للمؤمن. إن اصابه سراء شكرفكان خير له , وإذا اصابته ضراء صبر فكان خير له ) رواه مسلم عن صهيب الرومى .
ياليتهم وعوا لقول الله تعالى :
( وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل 96
( وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ ) النحل 126
(وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) الإنفال46
ان المؤمن بالله واليوم الآخر يدرك ان الدنيا ماهى إلا مرحله قصيره لابد للمرء فيها من الامتحان , ويرد مع القائل :
( الدنيا ساعه فإجعلها فى طاعه )
اما القرار والاستقرار والدوام والخلود فهو بعد الموت
( يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ) غافر 28
( وَمَا هَـٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) العنكبوت 64
ولقد شبه سيد الخلق صلى الله عليه وسلم الدنيا والآخره تشبها بليغا فقال :
( ما الدنيا إلا كما يضع أحدكم أصبعه فى اليم فلينظر بم رجع ) رواه مسلم عن شداد بن اوس
فهل يعتز بهذه الدنيا بعد ذلك إلا الجاهل ظالم نفسه ؟ قد يتساءل احدهم فيقول : ان حياة الفرد العادى قد تطول الى ستين او السبعين , ولو استبعدنا منها سن الطفوله قبل التكليف وفترات النوم والمرض والانشغال بأمور الدنيا فلن يتبقى من هذا العمر المديد الا حوالى خمس او عشر سنوات عباده لله . ايعبد المرء ربه فى حياته كلها هذا العدد من السنين القليله ثم يكافئه الله بجنات النعيم - بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر - إلى ابد الآبدين؟
نعم احبائى الكرام ان الله لا يعامل خلقه بالمثل , إنك تطيع الله وتطيعه على قدر طاقتك , وهو سبحانه وتعالى يعطى على قدر قدرته .
( إِنَّ اللَّـهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ) النساء 40
ان المؤمن يعمل الخير بنية المداومه عليه مادام حيا قادرا , فيكون من كرم الله وفضله ان يديم له النعيم فى دار الخلد .
هذا وبالله التوفيق
والى حلقة تاليه
ابوبكر مشتهرى