عماد صلاح الدين عضو فعال
عدد المساهمات : 806 تاريخ التسجيل : 24/12/2009
| موضوع: ҉҉ العالم الغامض ҉ ليبيا ҉ وثائقي ҉ الخميس ديسمبر 24, 2009 9:55 am | |
| يوجد ما يشبه طوق النجاة عبر الأزمان المتتابعة، إنه حبل خفيّ يجمع الأحداث التي وقعت في العصور المختلفة ليساعدنا على فهم الإنسان وتطوّره العلمي والتقني، وتطور أشكال حياته الاجتماعية والثقافية والحضارية. في الأيام الخوالي كان للحدود بين البلدان تضمين سياسي مختلف، وكانت هناك منطقة تُدعى اليوم "ليبيا" وهي أرض تحتضن أروع ما أنتجه الإنسان في ذلك الزمن السحيق، هذه المنطقة مرَّت عليها مراحل زمنية تختلف كثيراً عن بعضها البعض. "ليبيا" هي رابع أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة، يغطّي معظم أراضيها جزء من أكبر صحراء في العالم ألا وهي "الصحراء الكبرى" التي تبلغ مساحتها تسعة ملايين كيلومتر مربّع من الرمال والصخور. الرياح هي الشيء المسيطر في هذه المساحات الشاسعة، إنها تسيطر عليها وترسم فيها أشكالاً طبيعية مذهلة، فتترك على الزمان والمكان من رمال وصخور ظلالاً مختلفة. كلمة "صحراء" تعني عند الكثيرين "الفراغ الممتد الشاسع الكبير" ويصعب علينا أن نتخيّل ما يقوله العلماء من أن هذا الفراغ كان منذ نحو خمسة عشرة ألف سنة مغطّى بالمروج الخضراء والبحيرات والغابات والأنهار. يُدعى هذا الجزء من الصحراء "تدرات أكاكس" وهو يبعد ثلاثة عشر ألف كيلومتر جنوب الساحل الشمالي على الحدود الغربية مع الجزائر، تختلف طبيعة هذه الأرض فهي في بعض الأماكن مليئة بجبال الرمل وتُدعى "أرض" وفي أماكن أخرى تكون سهولاً منبسطة تحوي بعض الصخور التي نحتتها الرياح، إنها أرض مرتفعة يبلغ ارتفاعها زهاء تسعمائة متر ويصل طولها إلى نحو مائة وخمسين كيلومترًا وعرضها يبلغ ثلاثين كيلومترًا. قبل حوالي ستة آلاف سنة، كان المطر يتساقط هنا بانتظام، ولكن التغيّرات المناخية المستمرة التي شهدتها العصور المتتالية، كانت سببًا في تحوّل هذه السهول إلى صحارى قاحلة، فحلّت الصخور وجبال الرمل مكان الغابات الكثيفة، حيث كانت أفراس النهر والنعامات تعيش، وحيث بدأ الإنسان مسيرته بحسب ما يقوله بعض علماء الدراسات الإنثروبولوجية القديمة. في هذا العالم القاحل العدائي والخالي من الحياة يكفي أن تسقط بضع قطرات من المطر لتنمو النباتات، وتعيش بعض الحيوانات التي تأقلمت بفضل الله تعالى بشكل مذهل مع ظروف الصحراء القاسية. لقد فرغ زوجان من عظائات "أجاميدي" المبهرجة الألوان من إعادة شحن نفسيهما بالطاقة من خلال أشعة الشمس، والآن وبعد أن وصلت درجة حرارة هذه العظاءة إلى المعدلّ المناسب تنتظر اقتراب حشرة ما. هذه العظاءات قادرة على تغيير لونها، وهي تمضي ساعات طوال بين شقوق الصخور. بين نهاية العهد البليستوني وبداية عهد الزيتون سجّل الإنسان وجوده بطرائق إيحائية خيالية، فعلى صخور هذه المنطقة لا يزال بمقدورنا أن نرى إشارات خطّها أشخاص لا يجيدون الكتابة وقد تعلّموا أن يتحدّثوا عن حياتهم من خلال الرسوم والأشكال والتصاميم. لقد كشف علماء الآثار وعلماء الدراسات القديمة بعض حلول هذه الألغاز، وكان من بين هؤلاء الإيطالي "فابريتزيو موري" الذي أسّس بعد أربعين سنة من الدراسة هذا المتحف الطبيعي المدهش، تعود هذه التصاميم إلى المرحلة التي سُمّيت مرحلة السهل العشبي الواسع، أي إلى ما قبل نحو مئة ألف سنة، وهي عبارة عن أشكال أشياء رسمها الصيادون الذين كانوا يصطادون حيوانات ضخمة موجودة الآن في المناطق الاستوائية. تمثّل هذه التصاميم أشكال بعض الفراعنة، وقد نُحتت في الصخر بواسطة مطارق ومباضع بدائية جداً ثم حُسّنت بالصوت، كلها تقنيّات تتطلّب كثيرًا من الوقت وقدرات هائلة، والأهم من هذا كله إدراكًا مباشر للموضوع. كانت الفيلة، وأفراس النهر، والزرافات، ونوع منقرض من الجواميس يُدعى "بوبالوس أنتيكوس" تعيش في هذه الأرض في زمن هؤلاء الناس الأوائل الذين جسدوا أشكال الطبيعة بشكل مذهل. ليس من السهل تصنيف وتأريخ المشاهد الحقيقية هذه؛ لأن الحيوانات التي تظهر في تلك الأشكال والرسوم قد اختفت من الصحارى منذ زمن طويل نسبياً، أي منذ حوالي ثلاثة أو ستة آلاف سنة. إن الصخور التي رُسمت عليها أشكال والتصاميم تكتسب لوناً مختلفاً بفعل الظواهر الطبيعية والكيميائية، وقد تشكّلت فوقها طبقة أكسدة ناجمة عن البكتيريا الموجودة في طبقات الصحراء. يمكن تحليل الجزيئات العضوية بواسطة الكربون أربعة عشر لأنها موجودة في حالتها المعدنية. هذه الحيوانات كلها تجلّت في أشكال وتصاميم رُسمت على صخور ضخمة موجودة في العراء، وقد اختلطت سطوحها التي تحمل مواضيع ومشاهد مختلفة....إلخ | |
|