عماد صلاح الدين عضو فعال
عدد المساهمات : 806 تاريخ التسجيل : 24/12/2009
| موضوع: ҉҉ العالم الغامض ҉ البيرو ҉ وثائقي ҉ الخميس ديسمبر 24, 2009 9:56 am | |
| "البيرو" ساحل يبلغ طوله ألفي ميل، أرض مساحتها مليون ومائتان وثمانين كيلومترًا مربّعا إنها ثالث أكبر دولة في أميركا اللاتينية من حيث المساحة بعد البرازيل والأرجنتين. يزعم أن شعبًا آسيويًا زار البيرو قبل نحو ثمانية آلاف سنة، تعود آثار وجود الإنسان في البيرو إلى ألفين وخمسمائة سنة، ولكننا لا نعرف سوى القليل عن المستوطنات البسيطة التي تشير إليها هذه الآثار. توجد آثار هائلة على الساحل حيث تنتهي الصحراء فجأةً في البحر، إنه ساحل عالٍ وعاصف لذا يجد الإنسان الحياة فيه صعبة، وهو أيضًا أحد أكثر الأماكن جفافًا في العالم، فمياه المحيط الهادئ باردة جدًا لدرجة أنها تمنع تشكّل الغيوم لذا لا يتساقط المطر وتتّسع الصحراء. الحرّ والمناخ الجاف وغياب البكتيريا كلها ظروف مثالية للحفاظ على الآثار الدفينة. على بُعد مائتي كيلومتر إلى جنوب من العاصمة "ليما" تقع صحراء تُدعى "ماكويلّو" وهي مكان يسير فيه الإنسان في مدينة ممتدة يخيَّل إليه أنه لا نهاية لها، يبلغ عمر الأجساد الموجودة ألف سنة وهي تنتمي إلى حضارة شعب الـ"ناسكا" وهو الشعب الذي صنع هذه الخطوط المبهمة. لقد عاشوا بين عامي ثلاثمائة وتسعمائة للميلاد، يبدو أن هذه الرياح تهب هنا باستمرار منذ زهاء ألف عام، فبقايا العظام والمومياءات دُفنت تحت الرمال، ثم نُبشت، ثم دُفنت ثانيةً، وكأن الرياح آثرت أن تنبش بقايا الإنسان. أهم عامل ساهم في بقاء بعض الجثث دون تحلل هو المناخ الجاف الذي يمنع انتشار البكتيريا المسؤولة عن تحلّل الأنسجة. ثمة تحت الرمال مئات البقايا، وقد سكن مهاجمو القبور في هذه المدينة سنوات طوالاً وبصورة مستمرة، وأفضل جزء بقي على حاله من جثث هؤلاء الموتى هو الشعر فقد كان لرجال شعب الـ"ناسكا" ونسائه شعور طويلة، كانوا صنّاع خزف ماهرين كسائر شعب البيرو. في موقع المومياءات عُثر على حقائب صغيرة كاملة مصنوعة من مواد ملوّنة وتحتوي على أمتعة الميت وممتلكاته التي توضع معه وفق طقوسهم وشعائر عقيدتهم الوثنية. إنها منطقة محظورة جدًا فيها مئات المقابر، تحتاج إلى السفر بضع دقائق بالطائرة في اتجاه الجنوب الشرقي لتصل إلى مقبرة أخرى. لقد بقيت تقاليد السكان الذين عاشوا في هذه المنطقة المقفرة كما هي على الرغم من مرور قرون عدة، لذا يظهر اليوم من تحت الرمال شهود صامتون يقدمون لنا بعض المعلومات عن طبيعة هذا العالم الغامض. اليوم وبواسطة هذه البقايا يستطيع الباحثون أن يكتشفوا معلومات تاريخية قيِّمَة ومفيدة عن أسلوب حياة شعوب كولومبيا القدماء، هذه المقبرة الكبيرة هي مقبرة شعب الـ"إيكاتشينكا" الذي عاش هنا بعد شعب الـ"ناسكا" بين عامي ألف ومائتين وألف وخمسمائة ميلاديًا، لقد بقي الشعر على حاله وكذلك الثياب، والأهم موقع الجثث في غرف الدفن الكبيرة، إنها أدلّة حقيقية تشير إلى ثقافة معينة لعصر دام بشكل ثابت ومستمر طوال ستة قرون كاملة. لم تعرف شعوب هذه الحضارة الكتابة؛ لذا كانت العادات الجنائزية أبرز دليل على حياتهم ومجتمعهم. على المرء أن يقفز مائة كيلومتر شمالًا ليرى أكثر الآثار غموضًا في البيرو، إنها آثار يبلغ عمرها نحو ألفي سنة إنها مومياءات "باراكاس"، ازدهرت حضارة الـ"باراكاس" حين بلغت الإمبراطورية الرومانية ذروتها، القماش الذي يلفّ الجثث هنا هو من أجود أنواع القماش الذي أُنتج في العالم القديم، دائمًا وبسبب المناخ الجاف نجد أن ساحل البيرو هو المكان الوحيد الذي حُفظ فيه القماش الموجود في القبور منذ ألفين وخمسمائة سنة بشكل ممتاز. كان القطن أكثر الأقمشة استخدامًا في ذلك الزمن، على الرغم من أن سكان المراكز الأنديزية كانوا يستخدمون صوف اللاما المصبوغ بالأصباغ المعدنية والنباتية. لطالما عبّر المواطن في البيرو عن اعتقاداته من خلال القماش الذي بقي على حاله حتى بين شعوب الأنديز، فهنا يعتبر الناس أن الأرض هي الـ"باشا ماما" أي أن "الأرض هي الأم" حتى في أيامنا هذه لا تزال مثل هذه المزاعم موجودة. إن تصاميم ملابس الباراكاس ذائعة في البيرو وهي تحمل الكثير من الرمزية والتعقيد، إنها تعبّر عن الطبيعة قبل أي شيء آخر، فالتصاميم عبارة عن دوافع هندسية معقدة، وعن أقنعة ووجوه بشرية، ورموز من الحيوانات. كانت الصور تُصمم ثم تطرّز أو تُلصق على الملابس لصقًا، كان طول بعض الأثواب يبلغ عشرين مترًا، وكان القماش يُخاط بواسطة الإبر المستخرجة من أشواك الصبّار....إلخ | |
|